التطورات العمرانية التي شهدها مسجد الفسطاط منذ التأسيس حتى نهاية العصر الأموي

Abstract

لا ريب انَّ للمسجد أهمية ومنزلة عظيمة في الإسلام ، وقد نوّه الله تعالى في القرآن الكريم إلى مكانة المسجد والمشتغلين بعمارته، فقال عزَّ وجل: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) {،"سورة النور" ، وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّهُ قال: أحب البلاد الى الله مساجدها . لذلك ، فعقب فتح بلاد مصر عام 21 هجري ، بدأ القائد عمرو بن العاص في تخطيط مدينة الفسطاط ، لتكون قاعدة عسكرية لانطلاق العمليات العسكرية ، وسكناً للجند المقاتلة ، فبدأ بتأسيس المسجد، ليكون أول وحدة عمرانية تؤسس في المدينة وإلى جواره دار الإمارة ، ومن حولهما خطط القبائل ، وقد وقف على تحديد قبلته جمع كبير من الصحابة رضوان الله عليهم ، وكان طوله خمسين ذراعاً في عرض ثلاثين ، ثم توالت الزيادات على مساحته ، وقد بني من مادة الطوب أو اللبن ، وقد سمّيَ على مدى الأزمنة بعدة مسميات منها: تاج الجوامع ، والجامع العتيق ، فضلاً عن الاسم الذي عرف به منذ تأسيسه بجامع عمرو بن العاص ، وقد أُسّسَ المسجد ليؤدي فيه المسلمون صلاة الجمعة والصلوات الخمس ، وقد كانت تقام فيه حلقات الدروس والارشاد ، ودروس الفقه والحديث وعلوم القرآن والأدب ، فضلاً عن كونه المكان الذي يجتمع فيه الوالي بالناس ليبلّغ ما يريد تبليغه ، وقد شهد عدّة تطورات عمرانية منذ تأسيسه وحتى نهاية العصر الأموي ، وسأتناولها بالبحث الدقيق بعد توفيق الله ، معتمداً على ما توفّرَ لديَّ من مصادر ومراجع أرّخت لهذا الشأن.