فاعلية قواعد القانون الخاص المنظمة للظروف الاستثنائية في تسوية المنازعات الناجمة عن الظرف المستجد -كورونا أنموذجاً

Abstract

لم يكن العالم بهذا القرب من التواصل الاجتماعي، ولا بهذا الحجم من التبادل الاقتصادي، قبل عصر (العولمة)، الأمر الذي وحَّد أثآر الظروف المستجَّدة التي تمرَّ بالبشرية، وإذا كان الفكر القانوني تمكن–سابقاً-من تأصيل ظروف استجَّدت -في حينه-بالاستناد إلى نظرية قانونية واحدة، (كالظروف الطارئة)، و(القوة القاهرة)، فإنَّ مردَّ ذلك كان محدودية الظرف (مكانياً)، أما الوضع -اليوم-فمختلف تماماً، لجهة تأثر العالم كله، بمختلف قطاعاته، بالظرف المستجَّد، بفعل (العولمة) التي جعلت العالم كله قرية صغيرة، ما أستتبع تطوراً في العلاقات العقدية، سواء في آليات إبرامها، أم في آليات تنفيذها، ونجحت قواعد القانون الخاص، إلى حدٍّ مرضً –حتى الآن-في تنظيم تلك العلاقات حال مرورها بظروف استثنائية، وكما أمكن إبرام العقود بين المتباعدين مكانياً، فقد تيسَّر تنفيذ كثير منها عبر الشبكة العنكبوتية ذاتها، ولهذا لم يعد عادلاً النظر إلى أثر الظروف المستجَّدة على الالتزامات التعاقدية استناداً لنظرية قانونية واحدة، ما دام بالإمكان إبقاء طائفة منها واجبة التنفيذ رغم الظرف المستجَّد، وإمكان تطبيق أحكام نظرية (القوة القاهرة) على طائفة ثانية، وأحكام نظرية (الظروف الطارئة) على طائفة ثالثة، فضلاً عن إمكان منح أجل قضائي (نظرة ميسرة) لطائفة رابعة منها، وهكذا دواليك، في الوقت عينه، وتجاه الظرف المستجَّد ذاته، نظراً للمرونة والشمول اللتين تمتاز بهما قواعد القانون الخاص المنظمة للظروف الاستثنائية، ما ساعد –بالفعل-على تسوية المنازعات الناجمة عن الظرف المستجَّد وفق نظريات عدَّة، لتحقيق أكبر قدر من العدالة والتوازن بين المصالح المتعارضة.