منظومة القيم الاخلاقية عند عنترة

Abstract

إن جوهر البحث هو الوقوف على قراءة متوازنة بعض سلوكيات بني ادم تحديدا التي تكشف أسراره، وقد تميز الادب العربي بكثرة استخدام الفاظ سلوكية سلبا وايجابا وتوظيفها داخل النص في حالاته جميعها: فرحًا وغضبًا، واقفًا وماشيًا، حزينًا وسعيدا ومنتصرا ومهزوما والأخلاق هي المحور الحقيقي لوجود الإنسان و ميزان ارتقائه , و الوجه الذي عليه عُرف الإنسان بأنّه إنسان , تحرّكه الغريزة , وتكبح جماح نفسه الأخلاق , و قد قال الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا فالأخلاق هي التي تحفر في جسد الزمان مكانًا للشعوب , و كلما ارتقى هذا الشعب بأخلاقه كان أثره أبلغ في ذاكرة الأمم . و الشعب العربي من الشعوب التي احتفت بالأخلاق , و كان لها مكانة كبيرة بين أبنائها , فسطرت لنفسها مجموعة من القيم التي سارت عليها , وأنكرت من زاغ عن طريق هذه القيم , فلمّا أراد الله أن يبعث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً للأولين و الآخرين قال معبّرًا عن حالهم : ( إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) , فالتتمة التي قصدها كان لابدّ من وجود بذرة طيبة من هذه الأخلاق , وفي هذا البحث سنتعرف شخصية عنترة بن شداد فنبيّن البيئة الجاهلية التي كان فيها ونتحدّث عن البيئة الاجتماعية و الثقافية التي أنجبت فارسًا مثل عنترة , وفي هذا الميدان نسرد شيئًا من الاخلاقيات التي ألزم نفسه بها ليكون مثالًا للبطل الذي انتزع حريته بهمّة نفسه , ونقارن هذه القيم مع ما ورد من قيم في القرآن الكريم , ثم نتطرّق للاخلاق المريضة في العصر الحديث , في محاولة لإلقاء الضوء على أسباب تبدّل تلك السلوكيات , و ما آلت عليه هذه القيم . وقد استقامت خِطَّةُ البحث بعد استكمال مادته جمعاً ودراسة على مقدّمة، ومبحثين يسبقهما تمهيد وتتلوهما خاتمة.