الشاعر العباسي بين نزعتي اللذة والألم حتى نهاية القرن الثالث الهجري

Abstract

تحدثت هذه الاطروحة عن مفهوم اللذة والالم وتقصيها في شعر الشعراء العباسيين ، أما عن سبب اختياري لموضوع ( اللذّة والألم ) ؛ لكونه موضوعاً نعتقد أنه كان غائباً عن أذهان الباحثين ولم يتطرق إليه أحد – على حد علمنا – في هذا العصر، فضلاً عن ذلك أنه من الموضوعات النفسية المهمة المرتبطة بالذات الإنسانية ، وهي تتقلب بين هاتين النزعتين وما يصدر عنهما من سلوكيات مختلفة ، نحسب أنها كفيلة بأن ترسم صورة جلية معبّرة عن هذه الذات وما يدور في خلدها من أحلام ورغبات ومن هموم وآلام . من هنا كان هدف البحث هو استجلاء هذه الثنائية التي ظهرت بشكل واضح ومباشر في النصوص الشعرية لهؤلاء الشعراء ، وبيان أبعـادها النفسية والفلسفية والجمالية التي استبطنت دواخلهم وحــــــرّكت أحاسيسهم . فبعد الإتكال على الله تعالى ، ومستنيراً بالمصادر الفلسفية والنفسية التي كان لها دورٌ كبيرٌ في توجيه الباحث ، وإغناء المادة العلمية للبحث ؛ وذلك لصلتها القريبة بالموضوع ، فضلاً عن المصادر الأدبية ابتدأت رحلة بحثنا مع الشاعر العباسي الذي راح يتعايش مع تلك الثنائية متلذذاً حيناً ومتألماً حيناً آخر . واقتضت طبيعة العمل في هذه الدراسة أن تنحصر في ثلاثة فصول، يسبقها تمهيد وتليها خاتمة عرضتُ فيها أهم النتائج التي تحصّلت عليها أثناء بحثي. أما التمهيد فكان إضاءة لمفهوم اللذّة والألم عن طريق ما تناولـه من جوانب مختلفة ، كالفلسفية والنفسية والشعرية إذ جاءت بمثابة الأساس النظري الذي سرنا عليه في بحثنا . وقد تناولنا في الفصل الأول بواعث اللذة والألم في ثلاثة مباحث ، تمثلت في الطبيعة ونظرة الشاعر وما تحمله من قيمٍ ودلالاتٍ نفسية متنوعة ، ثم جاءت المرأة لتكون واقعاً ورمزاً حاكى الشعراء فأظهر ما يسرّون وما يعلنون من مشاعر اللذة والألم ، وقد ختمنا هذا الفصل بتحولات الشاعر ما بين الاغتراب والانتماء . ويأتي الفصل الثاني ليكون محوراً للذة والألم على وفق تحولات الزمن ، وفيه تحدثنا عن إشكالية الزمن الذي جعل من الشعراء ينسبون له ما يقع لهم من اللذات والآلام ، وفي خضم هذه التحولات وقفنا عند جدلية الشباب والشيب التي عكست الجانب الآخر للذة والألم ، ثم انتقلنا إلى إشكالية أخرى لتحولات الزمن كان الموت عنوانها ، فقد كان ذا وقعٍ مؤلم على الشاعر العباسي . أما الفصل الثالث فقد جاء تحت عنوان : اللذة والألم بين الذات الإنسانية والذات الشاعرة ، وفيه تحدثنا عن نزعة التمرد والرفض للواقع المؤلم ، ثم أدركنا حاجة الشاعر إلى لذة جديدة تكون بمثابة حلم أو طموح تهوّن عليه ذلك الواقع ، وفي إطار الواقع نفسه درسنا معاناة النقص وأثرها على الشاعر الذي حاول إثبات ما ينافي ذلك النقص جاعلاً من التعويض لذة يحقق بها ذاته .